إن مما ينبغي على طالب العلم أن يرحل عن وطنه إلى البلاد الأخرى، طلباً للعلم، وبحثاً عن الاستزادة منه، ورغبة في التحصيل والسماع من علماء البلدان الأخرى لما لم يسمعه في بلده، وقد كان هذا هو دأب السَّلف من علماء هذه الأمة، كما هو مُدَوَّن في أخبارهم.
فالمقصود من الرحلة - كما قال الخطيب البغدادي رحمه الله - أمران:
قال رحمه الله:"فإذا كان الأمران موجودين في بلده، ومعدومين في غيره: فلا فائدة في الرحلة، أو موجودين في كل منهما: فَلْيُحَصِّل حديث بلده، ثم يرحل"١.
أمَّا الأمر الأول - وهو طلب علو الإسناد - فإنه كان مقصوداً أيام كان الاعتماد في الرواية على المشافهة والسَّمَاع، لِمَا للعلوِّ - في هذه الحالة - من فوائد جَمَّة، أما وقد دُوِّنَت الدواوين، وجُمِعت الأحاديث النبوية فيها، فإن الحاجة إلى طلب العلوِّ لم تعد مُلِحَّة، بل صار القصد من السماع والرواية في الأزمنة المتأخرة هو الْحِرْصُ على بقاء سلسلة الإسناد في الأمة.