للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وأجاب الخطابي بجواب آخر، فقال: "وقد يكون معناه - إن ثبت الحديث - متأولاً على نقصان الأجر؛ وذلك أن من صلى عليها في المسجد، فإن الغالب أنه ينصرف إلى أهله ولا يشهد دفنه، وأن من سعى إلى الجَبَّان فَصَلَّى عليها بحضرة المقابر شهد دفنه، فأحرز أجر القيراطين ... فصار الذي يصلي عليها في المسجد منقوص الأجر بالإضافة إلى من صَلَّى عليها براً"١. وقال مثله النووي رحمه الله، وزاد: "فيكون التقدير: فلا أجر كامل له"٢.

قلتُ: ولعلَّ هذا الجواب الأخير هو أَقْرَبُهَا، فيكون الأصل في الصلاة على الجنازة أن تكون خارج المسجد، وأنه الأفضل، وأن الصلاة عليها في المسجد جائزة، وإن كانت دون الأولى، وقد أشار إلى شيء من ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله، فإنه عند شرحه لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: "أن اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة زنيا، فأمر بهما فرجما قريباً من موضع الجنائز عند المسجد" قال رحمه الله: "دلَّ حديث ابن عمر المذكور على أنه كان للجنائز مكان مُعَدٌّ للصلاة عليها، فقد يستفاد منه: أن ما وقع من الصلاة على بعض الجنائز في المسجد كان لأمرٍ عارض، أو لبيان الجواز"٣. وفي إنكار الصحابة - رضوان الله عليهم - على عائشة إدخالها جنازة سعد بن أبي وقاص إلى المسجد للصلاة عليها، دليل على عدم وقوعه من النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً، وإلا لما خفي عليهم.


١ معالم السنن: (٤/٣٢٥) .
٢ المجموع: (٥/١٦٢) .
٣ فتح الباري: (٣/١٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>