للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له حديثاً لم يأت إلا من طريقه، وهو حديث سهل بن حنيف، قال: كنت ألقى من المذي شدة ... الحديث، قال ابن القَيِّم: "فهذا حكم قد تَفَرَّدَ به ابن إسحاق في الدنيا، وقد صححه الترمذي".

وأما القول بتكذيبه: فإن ذلك مبنيٌّ على ما حُكي عن هشام بن عروة، إذ قال: "حَدَّثَ عن امرأتي فاطمة بنت المنذر، وأُدْخِلْتُ عليها وهي بنت تسع، وما رآها رجل حتى لقيتُ الله".

وأجاب ابن القَيِّم - رحمه الله - عن ذلك: بأن سليمان بن داود الشاذكوني - راوي هذه الحكاية - اتُّهِم بالكذب، فلا يجوز القدح في الرجل بمثل روايته. ثم إن هشاماً نفى رؤيته لها، ولم ينف سماعه منها، ومعلوم أنه لا يلزم من انتفاء الرؤية انتفاء السماع، وفي هذا يقول الإمام أحمد: "لعله سمع منها في المسجد، أو دخل عليها فحدثته من وراء حجاب، فأي شيء في هذا؟ فقد كانت امرأة كبرت وأسنت"١. وقد رَدَّ الحافظ الذهبي - رحمه الله - هذه الحكاية بنحو ذلك٢.

قلت: ولعلَّ الذي تطمئنُ إليه النفسُ في أمر ابن إسحاق: ما قرره الذهبيُّ رحمه الله؛ حيث قال: " ... له ارتفاع بحسبه، ولا سيما في السِّير، وأمَّا في أحاديث الأحكام: فينحطُّ حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن، إلا فيما شَذَّ فيه، فإنه يعد منكراً"٣. وقال مرة: "فالذي


١ تهذيب السنن: (٧/٩٤) .
٢ سير أعلام النبلاء: (٧/ ٤٩) .
٣ المصدر السابق: (٧/ ٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>