للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الثالثة: عدم جواز الجزم بنسبة ما لا يُعلم صحته إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

قال ابن القَيِّم - رحمه الله - عند كلامه على عدم جواز إطلاق حكم الله على ما لا يعلم الشخص يقيناً أنه حكم الله: "وهكذا لا يَسُوغُ أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. لما لا يُعلَمُ صحته، ولا ثقة رواته، بل إذا رأى أي حديث كان، في أي كتاب، يقول: لقوله صلى الله عليه وسلم. أو: لنا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم، وهذا خطر عظيم، وشهادة على الرسول صلى الله عليه وسلم بما لا يَعْلَم الشاهد"١.

قلت: وهذا من باب الاحتياط والتَّثَبُّتِ فيما يُنْسَبُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن من يَنْسُبُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يَعْلَمُ صحته مُعَرَّضٌ للوقوع في الكذب عليهصلى الله عليه وسلم.

وقد حَذَّرَ النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، ونبه عليه، فقال - فيما رواه عنه المغيرة بن شعبة وغيره -: "من حدَّثَ عني بحديث يُرَى أنه كَذِبٌ، فهو أحد الكاذبين" ٢.


١ أحكام أهل الذمة: (١/٢٠) ، فهو - رحمه الله - يعيبُ من لا يعلم عن ثبوت الحديث شيئاً ومع هذا يورده للاحتجاج فيقول: "لقوله صلى الله عليه وسلم" يعني الحجة والدليل قوله صلى الله عليه وسلم، أو: "لنا قوله" أي: دليلنا.
٢ أخرجه مسلم في (صحيحه) في المقدمة (١/٩) باب وجوب الرواية عن الثقات، وترك الكذابين. وابن ماجه في المقدمة أيضاً: (١/١٤) ح٣٨ - ٤١. باب من حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً وهو يرى أنه كذب.
وأحمد في مسنده: (٤/٢٥٠) ، وابن عبد البر في التمهيد - المقدمة - (١/٤١) ، والبغوي في شرح السنة (١/٢٦٦) ح ١٢٣. قال البغوي: "حديث صحيح".
ورمز له السيوطي بالصحة. (الجامع الصغير مع فيض القدير ٦/١١٦ ح ٨٦٣١) ، وصححه الشيخ الألباني (صحيح الجامع ح ٦١٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>