للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الأول: في جواز الجرح، وأنه ليس من الغيبة المحرمة

أكثر علماء السَّلف على جواز الكلام في الرواة جرحاً وتعديلاً، وذلك صوناً للأحاديث النبوية عن أن يُدْخَل فيها ما ليس منها، قال ابن أبي حاتم رحمه الله: "ولما كان الدين هو الذي جاءنا عن الله عز وجل، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بنقل الرواة، حق علينا معرفتهم، ووجب الفحص عن النَّاقِلَةِ، والبحث عن أحوالهم، وإثبات الذين عرفناهم بشرائط العدالة والثبت في الرواية ... وأن يُعْزَل عنهم الذين جَرَحَهُم أهل العدالة، وكشفوا لنا عن عَوْرَاتِهِم ... "١.

والأصل في ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي استأذن عليه: "ائذنوا له فبئس رجل العشيرة". قال الخطيب رحمه الله: "ففي قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: بئس رجل العشيرة؛ دليل على أن إخبار المخبر بما يكون في الرجل من العيب على ما يوجب العلم والدين من النصيحة للسائل؛ ليس بغيبة". قال: "وكذلك أئمتنا في العلم بهذه الصناعة، إنما أطلقوا الجرح فيمن ليس بعدل؛ لئلا يتغطى أمره على من لا يخبره فيظنه من أهل العدالة فيحتج بخبره ... "٢.

وكذلك حديث فاطمة بنت قيس لما استشارته في خطبة معاوية وأبي جهم لها، فقال لها صلى الله عليه وسلم: "أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه،


١ مقدمة الجرح والتعديل: (ص٥) . وانظر مقدمة ابن الصلاح: (ص١٩٣) معرفة الثقات والضعفاء من رواة الحديث.
٢ الكفاية: (ص٨٣ - ٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>