للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهب إلى أنها تثبت لكل من عُرِفَ بحملِ العِلْمِ، والعناية به، واستدل على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين" ١.

قال ابن القَيِّم رحمه الله: "فأخبر صلى الله عليه وسلم أنَّ العلم الذي جاء به يحمله عُدُولُ أُمَّتِهِ من كلِّ خَلَفٍ، حتى لا يضيعَ ويذهب، وهذا يتضمن تعديله صلى الله عليه وسلم لحملة العلم الذي بُعِثَ به ... فكل من حَمَل العلم المشار إليه، لا بد أن يكون عدلاً، ولهذا اشتهر عند الأمة عدالة نَقَلتِهِ وحَمَلَتِهِ، اشتهاراً لا يَقْبَلُ شَكَّاً ولا امتراء، ولا ريب أن من عَدَّلَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُسمعُ فيه جَرْحٌ، فالأئمة الذين اشتهروا عند الأمة بنقل العلم النبوي وميراثه، كلهم عدول بتعديل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا لا يقبل قدح بعضهم في بعض، وهذا بخلاف من اشتهر عند الأمة جَرْحُه والقدحُ فيه: كأئمة البدعِ، ومن جرى مجراهم من المتهمين في الدين، فإنهم ليسو عند الأمة من حملة العلم، فما حَمَل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عدل"٢.

ثم حَدَّدَ - رحمه الله - مفهوم العدالة، فقال: "ولكن قد يُغْلَط في مُسَمَّى العدالة، فَيُظَنُ أن المراد بالعدل: من لا ذنب له! وليس كذلك، بل هو عَدْلٌ مؤتمن على الدين، وإن كان منه ما يتوب إلى الله منه، فإن هذا لا يُنَافي العدالة، كما لا ينافي الإيمان والولاية"٣.


١ أخرجه ابن عبد البر في (التمهيد) : (١/٥٩) ، والخطيب في (شرف أصحاب الحديث) (ص٢٩) ، من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو، وغيرهما، وسيأتي الكلام عليه بعد قليل.
٢ مفتاح دار السعادة: (١/١٦٣) .
٣ المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>