للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلمة ابن حزم في صدد الطعن، مع علمه بحقيقة الحال، ولكن! ".

ولقد بَيَّنَ ابن القَيِّم - رحمه الله - رأيه في هذه القضية بوضوح، ونَبَّه على خطورة هذا المسلك، وذلك عند كلامه على حديث عبد الله ابن أنيس في كلام الله - عز وجل - بصوت، ومحاولة بعضهم إعلاله بضعف عبد الله بن محمد بن عقيل، والقاسم بن محمد، فقال رحمه الله: "ولا التفاتَ إلى ما أعلَّه به بعض الجهمية ظلماً منه وهضماً للحق، حيث ذكَر كلام الْمُضَعِّفين لعبد الله بن محمد بن عقيل، والقاسم بن محمد، دون من وَثقَهُمَا وأثنى عليهما، فيوهم الغِرَّ١ أنهما مجمعٌ على ضَعْفِهِمَا لا يحتجُّ بحديثهما"٢.

الفائدة الثانية: في أن ثقة الراوي لا تعني صحة كل ما روى.

إذا حَكَم الأئمة للراوي بأنه ثقة، فهل يعني ذلك بالضرورة صحة كل حديث رواه؟

وهذا السؤال يدعونا إلى سؤال آخر، وهو: هل الراوي الذي حُكِمَ له بالثقة لا يجوز عليه الخطأ والوهم؟

وهذان السؤالان مرتبطان تمام الارتباط، وسأحاول الجواب عنهما بشيء من البيان، وذلك من خلال تناول ابن القَيِّم - رحمه الله - للمسألة.


١ رجل غِرٌّ - بالكسر - وغَرِيرٌ: أي غيرُ مُجَرِّبٍ. (مختار الصحاح: ص٤٧١) .
٢ مختصر الصواعق: (٢/ ٤٠٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>