ويكون الحديث من حديثه معلولاً علة مؤثرة فيه، مانعة من صحته، فإذا احتج بحديث من حديثه غير معلول، لم يكن الحديث المعلول على شرطه"١.
فتبين بعد هذا العرض: أن الثقة جائز عليه الوهم والغلط، وما دام الأمر كذلك، فلا مانع من إعلال ما تَبَيَّنَ أنه أخطأَ فيه، ولا يُجْعَلُ هذا المعلول صحيحاً اعتماداً على مجرد ثقة هذا الراوي، والله أعلم.
الفائدة الثالثة: إذا أخطأ الراوي في حديث، فإن ذلك لا يُوجِبُ جَرْحاً لازماً له.
وهذه المسألة لها صلة بالتي مضت، وهي على العكس منها: هل تضعيف الحديث بكون الراوي أخطأ فيه يورثه جرحاً لازماً له لا ينفك عنه، فَيُرَدُّ بذلك كل حديث رواه، حتى ولو كان صحيحاً سالماً من الخطأ؟
فقد تقرر فيما سبق: أن الثقة يغلط، وأن الحُكْمَ بثقتِهِ لا يمنعُ إعلال ما أخطأ فيه أو وهم، وكذلك الحال هنا: فإن إعلال حديث أخطأ فيه الثقة أو وهم، لا يجعله مجروحاً، ولا يجعل كل حديث له مردوداً.
فكما أَنَّا في الحالة الأولى لم نعتبر ثقة الراوي فيما أخطأ فيه، فكذلك الأمر هنا: لا نعتبرُ خطأه مُؤَثِّراً فيما أصاب فيه، ووافَقَ فيه غَيْرَهُ.
وقد تناولَ ابن القَيِّم - رحمه الله - هذه المسألة عند كلامِهِ على المسألة التي سبقتها، فَبَيَّنَ - رحمه الله - أن ذلك يقعُ ممن لا نظر عنده،