للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أَنَّ هناك اتجاهاً نحو القول بأن هذا الحديث جاء عن الزهري على أوجه كثيرة، وأن حديث همام هذا أحدها، وقد عَبَّر ابن حجر - رحمه الله - عن هذا الاتجاه فقال: "على أن للنظر مجالاً في تصحيح حديث هَمَّام؛ لأنه مبني على أن أصله حديث الزهري، عن أنس في اتخاذ الخاتم. ولا مانع أن يكون هذا متن آخر غير ذلك المتن ... "١.

لكن أجاب ابن القَيِّم - رحمه الله - عن ذلك، فإنه سَاقَ عدة روايات عن الزهري في اتخاذه صلى الله عليه وسلم الخاتم، ثم قال: "هذه الروايات كُلها تَدُلُّ على غَلَط هَمَّام؛ فإنها مجمعةٌ على أن الحديث إِنَّمَا هو في اتخاذ الخاتم ولبسه، وليس في شيءٍ منها نزعه إذا دخل الخلاء. فهذا هو الذي حَكَمَ لأجله هؤلاء الحُفَّاظ بنَكَارَة الحديث وشذوذه، والمصحح له لَمَّا لم يمكنه دَفْعَ هذه العلة حكم بغرابته٢ لأجلها، فلو لم يكن مخالفاً لرواية من ذُكِرَ فما وجه غرابته؟ "٣.

وَلِرواية هَمَّام هذه عِلَّة أخرى لم يَتَعَرَّض لَهَا ابن القَيِّم رحمه الله، وهي: تَدْلِيس ابن جريج، قال الحافظ ابن حجر: "والخَلَلُ في هذا الحديث من جهة أن ابن جريج دَلَّسَهُ عن الزهري بإسقاط الواسطة، وهو زياد بن سعد"٤. بل ذهب الحافظ - رحمه الله - إلى أن التَّدْلِيسَ هو


١ النكت على ابن الصلاح: (٢/ ٦٧٨) .
٢ يشير بذلك إلى حكم الترمذي - رحمه الله - عليه، حيث قال "حسن غريب" وسيأتي.
٣ انظر: تهذيب السنن: (١/ ٣٠- ٣١) .
٤ النكت على ابن الصلاح: (٢/ ٦٧٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>