كتاب ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها

من كتاب الحيض - ١ ـ باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة - ج: 2 - ص: 184

وقد رَدَّ ابن القيم ذلك فقال: "أما قوله: إنه منقطع. فليس كذلك، فإن محمد بن أبي عديّ مكانه من الحفظ والإتقان معروف لا يجهل، وقد حفظه وَحَدَّثَ به مرة: عن عروة، عن فاطمة. ومرة: عن عائشة١، عن فاطمة، وقد أدرك كلتيهما وسمع منهما بلا ريب، ففاطمة بنت عمته، وعائشة خالته. فالانقطاع الذي رُمِيَ به الحديث مقطوعٌ دَابره"٢.

قلت: وعند الترجيح تُقَدَّمُ الرواية التي من كتابه؛ لأن الغالب على من يُحَدِّثُ من كتابه أن يكونَ أكثر ضَبْطاً، بخلاف من يُحَدِّثُ من حفظه، فإن الحفظَ خَوَّان، فلعله حَدَّثَ به على الصواب من كتابه، ثم حَدَّثَ به من حفظه فَوَهِمَ.

والدليل على صِحَّة الرواية التي من كتابه، وأنها هي الْمُقَدَّمة: أن ابن أبي عديّ قد رجع عن الرواية الأخرى وتركها، فقد روى البيهقي في (سننه) ٣ هذا الحديث من طريق الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - بدون ذكر عائشة، ثم قال: "قال عبد الله: سمعت أبي يقول: كان ابن أبي عديّ حَدَّثَنَا به عن عائشة ثم تركه". وهذا ظاهرٌ في أن الرجل ضابط للرواية التي من كتابه، ولذلك فقد رجع عن الأخرى.

- وَأَمَّا القول بنكارة هذا الحديث وغرابته: فذلك أنه جاء فيه قوله:

---

١ يعني: بزيادة "عائشة" بين عروة وفاطمة، كما تقدم في كلام ابن القطان.
٢ تهذيب السنن: (١/١٨٢-١٨٣) .
(١/٣٢٥) .