للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وقد رُوِيَ عن أبي حنيفة مرسلاً كرواية الأكثرين؛ فقد قال البيهقي رحمه الله - بعد أن أخرج الرواية المتصلة -: "هكذا رواه جماعة عن أبي حنيفة موصلاً، ورواه عبد الله بن المبارك عنه مرسلاً دون ذكر جابر، وهو المحفوظ". ثم أخرج بإسناده إلى عبد الله بن المبارك قال: أنبأنا سفيان وشعبة وأبو حنيفة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شَدَّاد، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً١.

فيكون قد اخْتُلِفَ على أبي حنيفة - رحمه الله - في إسناده، فيُخْتَار من روايتيه ما وافق رواية الجمهور، وما صَحَّحَه الأئمة أهل هذا الشأن، وهي رواية الإرسال، ويُحْكَمُ على الرواية المتصلة بالخطأ لتفرده بها دون سائر الرواة، ومتابعة الحسن بن عمارة - المتروك - له لا تنفعه.

فالحاصل: أن حديث جابر هذا معلول بطريقيه المذكورين، وقد رُوي من طرق أخرى غير التي ذكرنا، وهي ضعيفة أيضاً.

وقد رُوي هذا الحديث عن غير جابر، فَرُوِيَ عن ابن عمر، وابن مسعود، وأبي هريرة، وابن عباس، وأبي الدرداء، وأنس، وعلي، ولا تخلو من ضعف، قال الحافظ ابن حجر: "وله طرق عن جماعة من الصحابة، وكلها معلولة"٢. وقد تقدم قول أبي موسى الرازي: "لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيءٌ، وقد استوفى الكلام على طرقه: الزيلعي في (نصب


١ سنن البيهقي: (٢/١٥٩ - ١٦٠) .
٢ التلخيص الحبير: (١/٢٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>