للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ـ تَوَاضُعُه وإنكاره لِذاتِهِ، واستصغاره لنفسه وعلمه، من ذلك: ما نجده في أكثر كتبه من تصريحه بقلة بضاعته في هذا الشأن، مع إسناده الصواب في ذلك إلى الله، وأن ذلك من فضله وتوفيقه، وإسناده الخطأ والنقص إلى نفسه١.

هذا ما يقوله، مع ما عرف عنه من جودة تصانيفه، وكثرة إفاداته، وغزارة علمه رحمه الله.

٨ - صَبْرُهُ - رحمه الله - على الأذى والْمِحَن والابتلاء في ذات الله سبحانه، دون جزع أو ضَجَر، فكم عانى من ألم السجن ومرارة الحبس، فكان يقابل كل ذلك صابراً محتسباً، بل "كان في مدة حبسه مشتغلاً بتلاوة القرآن بالتَّدَبُّرِ والتَّفَكُّرِ، فَفُتِح عليه من ذلك خير كثير ... " كما يقول ابن رجب٢ رحمه الله، فانقلبت بذلك محنته إلى منحة، وسجنه إلى خلوة للتعبد والمناجاة. وهذا - لا شك - دال على شجاعته رحمه الله، تلك الخصلة التي وصفها مرة بقوله: "الشجاعة: ثبات القلب عند النوازل"٣. ولما كانت الشجاعة - بهذا المعنى - "خلقاً كريماً من أخلاق النفس"٤، فقد كان - رحمه الله - متخلقاً بها متحلياً بفضائلها.

وأخيراً، فإنه ليس بغريب على مثل ابن القَيِّم - رحمه الله - أن يجمع بين هذه الأخلاق الفاضلة، ويتحلى بكل هذه الخلال الحميدة، ذلك


١ ينظر على سبيل المثال: حادي الأرواح: (ص٣٠) ، والفروسية: (ص٢) .
٢ ذيل طبقات الحنابلة: (٢/٤٤٨) .
٣ الفروسية: (ص١٢٩) .
٤ الفروسية: (ص١٣٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>