للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولها: أن الذين رووا أحاديث التسليمتين أكثر عدداً، وأحاديثهم أصحَّ، فهي تدور ما بين الصحيح والحسن.

ثانيها: أن عائشة - رضي الله عنها -لم تنف التسلمية الثانية، بل سَكَتَتْ عنها، فلا يُقَدَّمُ سكوتها على من ذكرها وضبطها وحفظها١.

قلت: ولعلَّ سكوتها - رضي الله عنها عن التسلمية الثانية لأنها لم تسمعها فربما كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالأولى بقصد الإيقاظ، ويخفض صوته بالثانية، فَحَكَتْ عائشة - رضي الله عنها - ما سمعته وحكى غيرها ما رأى وسمع.

وقد ذهب الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - إلى الجمع بين الروايتين فقال: " ... إن التسليمة الواحدة كانت منه صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان في صلاة الليل، والصحابة الذين رووا عنه التسليمتين إنما يحكون التسليم الذي رأوه في صلاته في المسجد وفي الجماعة، وبهذا نجمع بين الروايتين"٢.

فالحاصل: أنه لم يثبت شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في التسليمة الواحدة في الصلاة المكتوبة، وأن الحديث المرويَّ في ذلك: الصحيح أنه موقوف على عائشة من فعلها. وقد قَرَّرَ ابن القَيِّم - رحمه الله - عدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه صحيح. وأن ما صحَّ عن النبي في ذلك: إنما وقع


١ انظر: زاد المعاد: (١/٢٥٩) .
٢ حاشية جامع الترمذي: (٢/٩٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>