للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ردَّ ابن القَيِّم - رحمه الله - القولَ بإعلال هذا الحديث، وقال بأن إعلاله بالوقف باطلٌ؛ فإن البخاري وغيره قد رووه حديثاً واحداً متصلاً؛ والبخاري - رحمه الله - حَكَى الخلاف فيه، ومع ذلك لم يره مؤثراً في صحة الحديث، أو معللاً له١.

قلت: والجمع - في نظري - بين هذه الروايات أولى من إعلال بعضها؛ فإن إعلال الرواية المرفوعة يلزم منه تخطئة الثقات بدون دليل ظاهر.

فقد رواه جمعٌ من الثقات - وعلى رأسهم الليث بن سعد - عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً متصلاً بنهي النبي صلى الله عليه وسلم الرجال عن لبس البرانس والخفاف وغير ذلك، وأخرج البخاري - رحمه الله - هذه الرواية، وحكى وجوه الاختلاف الواقعة فيها، فلو كانت هذه الرواية المرفوعة معلولةً عنده لما أخرجها في الباب معتمداً عليها، ولَقَدَّمَ عليها الرواية الموقوفة.

وكذا صنع الإمام الترمذي رحمه الله، فإنه أخرجها كما أخرجها البخاري، ثم قال: "هذا حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم". ولا أظن أنه قد خفي عليه ما علمه غيره، من كون هذه الجملة الأخيرة قد رُويت موقوفة.

وقال ابن عبد البر: "رَفْعُهُ صحيح عن ابن عمر"٢.


١ انظر: تهذيب السنن: (٢/٣٥١ - ٣٥٢) .
٢ حكاه عنه أبو زرعة العراقي في (طرح التثريب) : (٥/٤٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>