للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطبقات من أهل فرنسا مثلا، نجد ثماني عشرة كلمة تعبر عن الأكل، وعشرين عن معاقرة الخمر، وعشرين أخرى للتعبير عن الخمر نفسها، وأربعين لفظا تعبر عن السكر. ولخشيتهم دائما من سطوة القانون، جعلوا للشرطي اثنتي عشرة كلمة، وللفرار منه خمسة عشر لفظا، كما سموا السجن معهدا ومدرسة، والبؤس فلسفة وسموا الحذاء البالي فيلسوفا. أما المال الذي يستحوذ على أفكارهم وقلوبهم، فقد وضعوا له ستين كلمة. والبغايا اللاتي يعشن معهم دائما، وضعوا لهن ثمانين كلمة، تعد كلها وابلا من السباب بأحط الألفاظ. أما السيدة الفاضلة، فليس لها كلمة واحدة في لغتهم. والرجل المستقيم، يعبرون عنه بالبساطة، ومعناها في عرفهم الغفلة والغباء.

وكثيرا ما توجد في هذه اللغات العامية الخاصة نشاط وحيوية؛ إذ نجدها مليئة بالاصطلاحات المجازية والاستعارية المتجددة "فالاستعمال الاستعاري من الوسائل المحببة إلى العامية الخاصة"١. ويقول في ذلك ماريو باي: "الصوتيات وأصول الكلمات ملك مشاع لكل الطبقات الاجتماعية، على حين تظهر الاختلافات الطبقية، في اختيار المفردات اللغوية، وطريقة استعمالها"٢.

ولا يطلق اصطلاح "اللغات الخاصة" على هذه اللغات السرية فحسب، وليست كل ألفاظها فحشا، وليست كل تراكيبها تعبيرا عن الرذيلة والجريمة؛ إذ إنه "يوجد من العاميات الخاصة بقدر ما يوجد من جماعات متخصصة. والعاميات الخاصة تتميز بتنوعها الذي لا يحد، وأنها


١ اللغة لفندريس ٣١٧.
٢ لغات البشر ٨٣.

<<  <   >  >>