للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في تغير دائم تبعا للظروف والأمكنة، فكل جماعة خاصة، وكل هيئة من أرباب المهن، لها عاميتها الخاصة، فهناك عامية التلاميذ الخاصة، وهي غير واحدة في كل المدارس، بل تختلف أحيانا باختلاف الفصول في المدرسة الواحدة. وهناك عامية الثكنات الخاصة، التي تختلف باختلاف الأسلحة، بل تختلف باختلاف الثكنات أيضا. وهناك عامية الخياطات الخاصة، وعامية الغسالات، وعامية عمال المناجم، وعامية البحارين"١.

"فكل مجموعة إنسانية، مهما صغرت، لها لغتها الخاصة بها. فهناك في دائرة الأسرة والمكتب والمصنع ومطاعم الجنود، تتوالد الكلمات والعبارات والمعاني الهامشية والألغاز، وطرق التعبير الأخرى، التي تختص بهذه البيئات، والتي يصعب إدراكها على من لم ينتم إليها. وهذا هو الحال كذلك في المجموعات الكبرى، التي يربطها رباط المصالح المشتركة، كالمهنة، والحرفة، والتجارة، والانتماء إلى مختلف فروع العلم والفن والصحافة، والقوات المسلحة، والهيئات الأكاديمية والرياضية وغيرها.

فلكل من هذه المجموعات ثروتها اللفظية الخاصة بها، وهي ثروة تعكس خصائص الموضوعات والمناقشات، التي يتناولها الأعضاء فيما بينهم، وتسهل اتصالهم بعضهم ببعض، ولكنها في الوقت نفسه، تزيد في الهوة التي تفصلهم عن غيرهم، ممن لا ينتمون إليهم. هذا الاتجاه نفسه موجود في اللهجات الطبقية الخاصة، كلهجات السوقة واللصوص. ويقوي هذا الاتجاه في هذه اللهجات النزعة إلى خلق مصطلحات صادقة التعبير، وحاوية لعناصر الفكاهة والدعابة، وكاشفة عن الروح البيئية الخاصة"٢.


١ اللغة لفندريس ٣١٥.
٢ انظر: دور الكلمة في اللغة لأولمان ١٥٣.

<<  <   >  >>