نفسه، كما يعبر عن آرائه. بل إنه يمكن القول بأن التعبير عن آية فكرة، لا يخلو مطلقا من لون عاطفي، إلا إذا استثنينا التفكير العلمي، أو اللغة العلمية، التي يجب أن تكون معبرة عن الفكرة المحضة، والحقيقة المجردة، الخالية من الانفعالات النفسية.
ويدلل "فندريس" على ملازمة الانفعال للتعبير عن الأفكار، بقوله:"فمن النادر جدا -عندما تتسابق في ذهننا، ونحن بصدد التعبير عن فكرة ما، عدة عبارات مختلفة- أن تكون إحدى هذه العبارات عقلية محضة، وأن تعبر عن استدلال منطقي بحت، أو أن تصور حقيقة أو حادثا ما، في بساطته العارية من كل لباس، فإنني أرى حادثا يقع أمامي، فأصيح راثيا لحال صاحبه: "آه! المسكين! " وأقابل صديقا لم أكن أتوقع لقاءه، فأقول له: "أنت! هنا! "، فهذه الجمل ذات قيمة انفعالية، واضحة كل الوضوح، فإذا صيغت في لغة المنطق الجدلية، صارت: "أرثى لهذا المسكين" أو: "يدهشني أن أراك هنا". تخيل أني استعملت في الواقع هاتين الصورتين من صور الجملة، أفتظن أنهما أيضا يخلوان من كل قيمة انفعالية؟ قيمة تختلف بلا ريب عما في جملتي التعجب، اللتين قيلتا في تلهف، وإن كانت لا تقل عنها قرعا للذهن. بل قد يحس الإنسان فيهما، إما رغبة في استخراج المغزى الأدبي من الحادثة، وإما تفريعا للدهشة الناجمة من مقابلة صديق، وإما كبتا لحركة من الحساسية شديدة العنف، تحاول أن تنطلق من عقالها، ولكن محاولة التخلص من إظهار العاطفة، في هذه الحال، ليست إلا إظهارا للعاطفة"١.