للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول "برجشتراسر" معلقا على قول من يقول: "أميران هلك القو! " في حالة غضب وهياج: "واستعماله شبه الجملة "الجملة ذات الطرف الواحد"، والاستغناء عن ربط الجمل بعضها ببعض، من خصائص مبادئ اللغات، ومن بقايا حالها الأولية البسيطة، ولو لم تهج نفس القائل، بل كان غافلا مطمئنا، يؤدي فكرا لا يمازجه شيء من الغضب أو مثله، لقال: إنا نجد للقوم أميرين، فنخاف أن نهلك -أو مثل ذلك.

"والكلام الخاص بهيجان النفس جنسان: أحدهما متكون من كثير مما يتكلم به بين الناس في مساعيهم اليومية وتعاطيهم شئون الحياة، وخصوصا عند أقوام البلاد الجنوبية والسامية من بينها، فإنا نراها أكثر حدة وتحركا من شعوب الشمال، وإذا قرأنا الكتب، كدنا أن ننسى حقيقة موقف اللسان في حياة الإنسان، فإن الكتب مملوءة بالكلام الساكن المستوي. والجنس الثاني من الهيجان، هو إلهام الشعر، فنرى الشعر يميل إلى مثل ما يميل إليه الكلام الخاص بهيجان النفس، من ترك الربط، واستعمال أشباه الجمل، وغير ذلك"١.

وخلاصة القول في هذا الفصل، أن النفس الإنسانية بما يعتورها من حالات الرضا والسرور، والغضب والنفور، والاستحسان والاشمئزاز، وغير ذلك، ينعكس أثرها على اللغة في تطورها وحياتها؛ إذ تقبل النفس ألفاظا فتحيا، وتعاف ألفاظا أخرى فتموت، ويؤدي النبر المعبر عن الرضا أو الغضب، إلى تغيير في النطق، فتطول بعض المقاطع الصوتية، وتقصر الأخرى وتتلاشى.


١ التطور النحوي ٨٣.

<<  <   >  >>