من جامعة ليبزج، ليقضي شهورا في بلاد الشرق، فسافر إلى الآستانة، ومنها إلى سوريا، وفيها تنقل بين بلادها، باحثا وراء اختلاف اللهجات الدارجة بها، فمكث أولا في دمشق، ثم سافر إلى الجنوب في معان، ثم إلى حلب في الشمال، وفلسطين ولبنان.
وكانت حصيلة هذه التسجيلات، أن وضع أطلسا لغويا لسوريا وفلسطين، هو عبارة عن ٤٢ خريطة تفصيلية وواحدة إجمالية، مع شرح لغوي في كتاب مستقل، طبع في ليبزج سنة ١٩١٥م.
وسنعرض فيما يلي لطريقة "برجشتراسر" في عمله هذا، كما بين هو ذلك في مقدمته لأطلسه؛ إذ ذكر أن بحث اللهجات العربية قبله، كان مقصورا على دراسة كل لهجة محلية دراسة مستقلة، وبين أن هذه الدراسات السابقة، تفتقر إلى التكملة عن طريق دراسة الفروق اللغوية، في مناطق كبيرة، باستخدام الجغرافيا اللغوية.
وقد استخدم "برجشتراسر" الطريقة الألمانية، في عرض جمل معينة علي راوي اللهجة، غير أنه اختار جملا يتصل بعضها ببعض، في سياق قصة من القصص الشائعة في المنطقة، وعلل للسر في اختياره لتلك الطريقة، بأن المقارنة عن طريق قوائم الكلمات، لا يمكن معها درس الظواهر النحوية، التي تحتاج إلى التراكيب، فقال في المقدمة:
"ويواجه تدبير المادة اللغوية القابلة للمقارنة، صعوبات كبيرة، بصرف النظر عن الصعوبات الأخرى، التي تعترض سبيل تسجيل اللهجات، فقد يكون من السهل عمل قوائم كلمات لموضوع ما، ولكن مثل هذه القوائم -كما هو معروف- لا تحتوي في الغالب إلا على أسماء وأعداد، وقد تحتوي على أفعال وصفات وحروف. غير أننا نفتقد هنا الأمر