ومستوى "الجملة" هو ذلك المستوى من النحو، الذي نحلل عنده جمل اللغة الصغرى والكبرى، إلى تراكيب مستقلة وغير مستقلة.
أما المنهج التاريخي، فيدرس اللغة دراسة طولية، بمعنى أنه يتتبع الظاهرة اللغوية في عصور مختلفة، وأماكن متعددة ليرى ما أصابها من التطور، محاولا الوقوف على سر هذا التطور، وقوانينه المختلفة.
ويمكننا لذلك، القول بأن عرض نحو أية لغة، يكتفى إن أراد الاقتصار على هذه اللغة بوصفها. غير أن تعليل الظواهر التي توجد في هذه اللغة، يظل أمر بالغ الصعوبة، إذا لم يعرف لهذه اللغة فترات تاريخية متباعدة، يمكن المقارنة بينها، ومعرفة صور التطور الناتجة عبر الأجيال الكثيرة. وعندئذ يمكن الكشف عن السر الذي يكمن وراء إحدى صور هذا التطور.
ولنأخذ مثلا على هذا: اللغة العربية العامية، التي نتحدث بها اليوم في البلاد العربية، فإن وصف هذه اللغة من نواحيها المختلفة، أمر سهل ميسور؛ إذ يقال مثلا: إن الاستفهام يعبر عنه بنبر أحد أجزاء الجملة، وإن النفي يكون بالأداء:"مُِش" مثلا، وإن ترتيب الجملة فيها: فاعل+ فعل+ مفعول ... إلخ. ولكن معرفة سر وصول هذه النواحي المختلفة، من صوتية، وصرفية، وتركيبية، ودلالية، وغيرها، إلى ما وصلت إليه، كان من الممكن أن يظل لغزا، لولا معرفتنا بالعربية الفصحى. وكان من الممكن أن يزداد وضوح التطور وأسراره في هذه اللغة العامية، لو أننا توصلنا إلى معرفة حلقات التطور المختلفة، منذ الجاهلية حتى الآن.