للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمنهج التاريخي في الدرس اللغوي، عبارة عن تتبع أية ظاهرة لغوية في لغة ما، حتى أقدم عصورها، التي نملك منها وثائق ونصوصا لغوية، أي أنه عبارة عن بحث التطور اللغوي في لغة ما عبر القرون، فدراسة أصوات العربية الفصحى دراسة تاريخية، تبدأ من وصف القدماء لها من أمثال الخليل بن أحمد، وسيبويه، وتتبع تاريخها منذ ذلك الزمان، حتى العصر الحاضر، دراسة تدخل ضمن نطاق المنهج التاريخي. ومثل ذلك يقال عن تتبع الأبنية الصرفية، ودلالة المفردات، ونظام الجملة.

وإذا كان علم اللغة الوصفي، يمكن أن يوصف بأنه علم ساكن static إذ فيه توصف اللغة بوجه عام، على الصورة التي توجد عليها، في نقطة زمنية معينة، فإن علم اللغة التاريخي "يتميز بفاعلية مستمرة dynamic، فهو يدرس اللغة من خلال تغيراتها المختلفة. وتغير اللغة عبر الزمان والمكان خاصة فطرية في داخل اللغة، وفي كل اللغات، كما أن التغير يحدث في كل الاتجاهات: النماذج الصوتية، والتراكيب الصرفية والنحوية، والمفردات. ولكن ليس على مستوى واحد، ولا طبقا لنظام معين ثابت. هذه التغيرات اللغوية تعتمد على مجموعة من العوامل التاريخية. وبينما يمكن دراسة هذه التغيرات دراسة وصفية، هي محض تعريف بأشكال التغيرات الحادثة، فإنه لا يمكن عزلها عن الأحداث التاريخية التي تصاحب وجودها. وإذا كانت الوظيفة الأولى لعلم اللغة الوصفي، هي أن يصف، ولعلم اللغة التاريخي هي أن يعرض التغيرات اللغوية، فمن الصعب كثيرا الفصل بين النوعين في مجال التطبيق العملي؛ وذلك لأن كل المصطلحات التي استعملت تحت العنوان الوصفي قابلة من الناحية العملية للاستعمال مع الفرع التاريخي"١.


١ أسس علم اللغة لماريوباي ١٣٧.

<<  <   >  >>