للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد أدى اكتشاف اللغة السنسكريتية، في القرن الثامن عشر، إلى نشوء علم اللغة المقارن كما ذكرنا، وطمع علماء الساميات في تطبيق المنهج المقارن للغات الهندوأوربية، على مجموعة اللغات السامية، وحاولوا بالمقارنة الاهتداء إلى الأصول الأولى، وأطلقوا عليها اسم "اللغة السامية الأم". غير أنهم كانوا يدركون تماما، أن هذه اللغة الأم، لا تخرج عن كونها افتراضا قابلا للتعديل في أي وقت، طبقا لما تؤدي إليه بحوث المستقبل.

ولقد كان "نولدكه" Noldeke على حق، عندما قال: "وإننا نريد أن نوجه سؤالا لمن يظن أن إعادة البناء الكامل للغة السامية الأولى، ولو بالتقريب، أمر ممكن. والسؤال هو: هل يستطيع أحسن العارفين باللهجات الرومانية كلها "الإيطالية والفرنسية والإسبانية" أن يعيد بناء الأصل القديم لهذه اللهجات، وهو اللغة اللاتينية، لو فرض أنها غير معروفة الآن؟ "١.

ومع كل هذه الصعوبات، أثمرت الدراسات السامية المقارنة في القرن الماضي، والقرن الحالي، ثمرات عظيمة، وأصبحنا نقف في كثير من المسائل فيها، على أرض ليست هشة. والفضل في كل هذا للمستشرقين من علماء الغرب.

ولم تكن اللغات السامية مجهولة تماما، بالنسبة للعرب، فقد فطن الخليل بن أحمد "المتوفى سنة ١٧٥هـ" إلى العلاقة بين الكنعانية والعربية، فقال: "وكنعان بن سام بن نوح، ينسب إليه الكنعانيون، وكانوا يتكلمون بلغة تضارع العربية"٢.


١ اللغات السامية ١١.
٢ العين للخليل بن أحمد ١/ ٢٣٢.

<<  <   >  >>