للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمنهج المقارن، يستند كما يقول "أنطوان مييه"١ A. Meillet إلى بعض مبادئ أساسية، يجب أن تصاغ صريحة؛ وذلك لأن معظم الأخطاء التي ترتكب في علم اللغة، إنما تصدر عن استخدام وسائل النحو المقارن في حالات، لا يمكن أن تطبق فيها مبادئه.

وأول تلك المبادئ: هو أن اللغات تصدر عن تغييرات عناصرها الموجودة، لا عن خلق جديد، فمن يريد أن يضع اسما لشيء جديد، يستعير عادة عناصر الكلمة من لغته أو من لغة أجنبية، وذلك كاللفظة الألمانية: Fernsprecher بمعنى: "تليفون"، فإنها مأخوذة من كلمة: Fern بمعنى: "بعيدا" وكلمة Sprecher بمعنى: "متحدث"، ومن ثم فإنه إذا ثبت أن بعض الكلمات، لا يمكن أن تعد مخلوقة من العدم على نحو ما، بحيث لا نجد لها أصلا اشتقاقيا، فإنه من المسلم به أن لكل طريقة خاصة للنطق، وكل نظام نحوي عام، قيمة تعبيرية لا تنكر، ذلك أنها كلمات أشبه بأسماء الأصوات، وتدخل في فصيلة من الكلمات، تعتبر اليوم ثابتة النظام والقواعد، فكلمة Kodak تصور لنا صورة، هي صورة سمعية، حتى كأننا نحس صوت المفتاح، الذي يفتح الآلة، لالتقاط الصورة ويغلقها، فهل أحس مخترع الكلمة هذه القيمة، وأراد أن يحاكيها؟ إن هذا لجائز، ولكنه غير ضروري، غير أن هناك دائما اتفاقا غير شعوري، يقوم بين الأصوات والأشياء، فالانطباع الذي تحدثه كلمة غير معروفة، يمكن أن يختلف من سامع إلى آخر، ولكن هناك انطباعا على كل حال، إن قليلا وإن كثيرا. وإنما يقاس الفرق بدرجة حساسية السامع أو خياله، أو مجرد حالته


١ انظر: علم اللسان ٤٥٥-٤٦٢.

<<  <   >  >>