للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أهملت بعض اللغات ناحية التذكير والتأنيث تماما، وقسمت الأسماء فيها إلى أسماء أحياء وأسماء جمادات، "ومثل ذلك مجموعة البانتو في جنوب إفريقيا، ففي هذه اللغات يراعي المتكلم في صيغ الأسماء التفرقة بين الجي والجماد"١. وكذلك "لغة الألجونكين algonquin تميز بين جنس حي وجنس غير حي"٢. ويقول بروكمان: "وفي اللغات البدائية، ليس هناك نوعان فحسب من الجنس، كما في اللغات السامية ولا ثلاثة أنواع كما في اللغات الهندوأوربية، بل فيها غالبا أنواع كثيرة، يفترق بعضها عن بعض نحويا، وتتوزع فيها كل أشياء العالم المحسوس. ويرجع هذا التوزيع في الأساس، إلى تأملات لاهوتية، أو بتعبير أحسن تأملات خرافية، على قدر ما يبدو للرجل البدائي، أن العالم كله من الأحياء"٣.

وهذه التأملات الخرافية، التي يتحدث عنها بروكلمان، توجد كذلك في اللغات التي قسمت الأسماء فيها إلى مذكر ومؤنث؛ إذ إننا لا نجد في كثير من الأحيان صلة عقلية منطقية، بين الاسم وما يدل عليه من تذكير أو تأنيث. والدليل على فقدان هذه الصلة العقلية، أن من اللغات ما يعد بعض الكلمات مؤنثا، وهي مذكرة في لغات أخرى، والعكس بالعكس، فمثلا تعد اللغة العربية: "الخمر" و"السن" و"السوق" كلمات مؤنثة، في حين تعدها اللغة الألمانية مذكرة، فهي فيها كما يلي: der Markt der Zahn der Wein. كما تعد اللغة العربية أيضا: "الصدر" و"الأنف"


١ من أسرار اللغة ٩١.
٢ اللغة لفندريس ١٣١.
٣ فقه اللغات السامية ٩٥.

<<  <   >  >>