للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعلق المستشرق "شاده" Schaade على تقسيم سيبويه للمخارج ووصفها بقوله: "نشاهد غاية التفصيل مثلا في تقسيمه للأسنان، وقد قسمها إلى الثنايا والرباعيات والأنياب والأضراس. ويخالف هذا التدقيق معاملته للحلق، فإن سيبويه وإن قسمه إلى أقصى الحلق، وأوسط الحلق، وأدنى الحلق، لم يكن يعرف الحنجرة، ولا أجزاءها كالمزمار والأوتار الصوتية. وسبب هذا الاختلاف واضح، فإن الأسنان مكشوفة للرؤية، وأما الحنجرة وأجزاؤها وعملها، فتقتضي ملاحظتها إلى التشريح، وما أظن سيبويه يجترئ عليه، أو إلى بعض الآلات الفنية، كمنظار الحنجرة، أو الأشعة المجهولة، ولم يكن مثل هذه الآلات بين يديه، وكفى بذلك عذرا يعتذر به سيبويه، لعدم معرفته بالحنجرة وعملها. وإن ثبت أن الخلل المذكور في مدارك سيبويه منعه من أن يفهم بعض المسائل الصوتية، حق الفهم"١.

وبعد أن عرفنا شيئا عن المخارج في العربية الفصحى، نعود إلى موضوعنا الأول، وهو كيفية حدوث الصوت مرة أخرى.

لقد قلنا إنه في الإمكان أن يعوق تيار الهواء الخارج من الرئتين، عائق يمنعه من المرور، عند أي مخرج من هذه المخارج، ثم يزول هذا العائق بسرعة، وبهذا يندفع الهواء الخارج بانفجار شديد. وإما أن يضيق المجرى عند أي مخرج من هذه المخارج، ضيقا يسمح للهواء بالمرور مع الاحتكاك بمكان التضييق.

ويسمى الصوت الخارج في الحالة الأولى "حالة وجود عائق" صوتا شديدا أو انفجاريا، وفي الحالة الثانية "حالة تضييق نقطة في المجرى" يسمى الصوت الخارج صوتا رخوا أو احتكاكيا.


١ علم الأصوات عند سيبويه وعندنا ص٥.

<<  <   >  >>