للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا نجد أن تعريف سيبويه للمجهور والمهموس، لا يقوم أساسا على اهتزاز الأوتار الصوتية في الحنجرة، أو عدم اهتزازها، وإنما يقوم على جري النفس أو عدم جريه، وتلك الصفة من السمات الخاصة بشدة الصوت أو رخاوته.

وكان من الممكن القول بأن سيبويه يقصد بالمجهور والمهموس ما نعنيه نحن بالشديد والرخو، لولا أن سيبويه قسم الأصوات بعد ذلك إلى شديد ورخو، وبين المراد بهما عنده. وعلى الرغم من ذلك فإن تعريفه للشديد يقرب جدا من تعريفه للمجهور. كما يقرب تعريفه للرخو من تعريفه للمهموس كذلك، يقول سيبويه: "ومن الحروف الشديد وهو الذي يمنع الصوت أن يجري فيه، وهو الهمزة والقاف والكاف والجيم والطاء والتاء والدال والباء، وذلك أنك لو قلت: الحج، ثم مددت صوتك لم يجر ذلك. ومنها الرخوة وهي: الهاء والحاء والغين والخاء والشين والصاد والضاد والزاي والسين والظاء والثاء والذال والفاء، وذلك إذا قلت: الطس وانقض، وأشباه ذلك، أجريت فيه الصوت إن شئت"١.

فلا فرق بين المجهور والشديد في كلام سيبويه "ويبدو أن بين التقسيمين السابقين تداخلا والتباسا، وقد قالوا إن الفرق بينهما أن المجهور يمنع النفس، والشديد يمنع الصوت، ولكن هذا التفريق غير واضح وضوحا تاما"٢.

وليست التعريفات عند ابن جني في كتابه: "سر صناعة الإعراب" بأوضح منها عند سيبويه٣.


١ كتاب سيبويه ٢/ ٤٠٦.
٢ فقه اللغة لمحمد المبارك ٣٦.
٣ انظر سر صناعة الإعراب ١/ ٦٩، ٧٠.

<<  <   >  >>