للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تلك هي مخارج الأصوات وصفاتها المختلفة، عند المحدثين من علماء الأصوات، أما قدامى اللغويين من العرب، فإن التقسيمات عندهم متداخلة، والتعريفات ليست واضحة في كثير من الأحيان، فهم يرون مثلا أن الأصوات كلها تنشأ من أقصى الحلق، ويسمون ذلك المكان "المقطع" ثم يتحدد الصوت عن طريق حصره في مكان ما من الفم، ويسمون ذلك المكان "المعتمد"، قال ابن درستويه في شيء من ذلك: "وليست الألف من الحروف الحلقية، ولا لها معتمد في حلق ولا غيره؛ لأنها من الحروف الهاوية في الجوف وإنما مقطعها في أقصى الحلق، والحروف كلها مقطعها هناك؛ لأن الصوت كله إنما يخرج من الحلق، ثم يحصره المعتمد. فيصيره حرفا"١.

وإذا كان سيبويه يقسم الأصوات إلى مجهورة ومهموسة، فإن تعريفه لها، يثير كثيرا من الشبه، التي لم تجد لها حلا معقولا حتى الآن، يقول٢: "فالمجهورة حرف أشبع الاعتماد في موضعه، ومنع النفس أن يجري معه، حتى ينقضي الاعتماد عليه، ويجري الصوت، فهذه حال المجهورة في الحلق والفم، إلا أن النون والميم، قد يعتمد لهما في الفم والخياشيم، فتصير فيهما غنة. والدليل على ذلك أنك لو أمسكت بأنفك، ثم تكلمت بهما، لرأيت ذلك قد أخل بهما.

وأما المهموس فحرف أُضعف الاعتماد في موضعه، حتى جرى النفس معه، وأنت تعرف ذلك إذا اعتبرت فرددت الحرف مع جري النفس. ولو أردت ذلك في المجهورة، لم تقدر عليه".


١ شرح الفصيح لابن درستويه ١/ ١٠٨.
٢ كتاب سيبويه ٢/ ٤٠٥.

<<  <   >  >>