للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الضاد، كما وصفها القدماء، كانت تتكون بمرور الهواء بالحنجرة، فيحرك الوترين الصوتيين، ثم يتحذ مجراه في الحلق والفم، غير أن مجراه في الفم جانبي عن يسار الفم عند أكثر الرواة، أو عن يمينه عند بعضهم، أو من كلا الجانبين، كما يستفاد من كلام سيبويه ...

والذي نستطيع تأكيده هنا، هو أن الضاد القديمة، قد أصابها بعض التطور، حتى صارت إلى ما نعهده لها من نطق في مصر ... ولا يزال العراقيون حتى الآن، وبعض البدو ينطقون بنوع من الضاد، يشبه إلى حد ما الظاء، كما يشبه إلى حد كبير ذلك الوصف، الذي روي لنا عن الضاد القديمة. والذين مارسوا التعليم في بلاد العراق يذكرون، كيف يخلط التلاميذ هناك بين الظاء والضاد. والضاد القديمة -كما أتخيلها- يمكن النطق بها، بأن يبدأ المرء بالضاد الحديثة، ثم ينتهي نطقه بالظاء، فهي إذن مرحلة وسطى، فيها شيء من شدة الضاد الحديثة، وشيء من رخاوة الظاء العربية، ولذلك كان يعدها القدماء من الأصوات الرخوة"١.

هذه هي بعض الآراء التي قيلت في الضاد العربية القديمة. ويبدو من وصف القدماء لها، ومن تطورها في بعض اللهجات واللغات، أنها كانت لاما مطبقة، كما يقول "برجشتراسر"، كما يبدو أنها كان فيها بعض الشبه بالظاء والضاد، وإلا ما تطورت في اتجاه كل واحد من هذين الصوتين، في اللهجات العربية الحديثة.

وأما ما ذهب إليه الدكتور كمال بشر، من احتمال أن يكون القدماء قد "وصفوا الضاد المولدة، لا الضاد العربية الأصلية"٢، وترجيحه هذا


١ الأصوات اللغوية، للدكتور إبراهيم أنيس ٤٩.
٢ علم اللغة العام: الأصوات ١٣٧.

<<  <   >  >>