للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ، وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْأِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ} ١.

ولعل هذا الخلط بين صوتي الضاد والظاء، كان قد شاع في القرن الثالث الهجري، وكان هذا هو السر فيما ذهب إليه أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي، اللغوي المشهور "المتوفى سنة ٢٣١هـ" من أنه يجوز عند العرب، أن يعاقبوا بين الضاد والظاء، فقد روى ابن خلكان٢، أن ابن الأعرابي كان يقول: "جائز في كلام العرب أن يعاقبوا بين الضاد والظاء، فلا يخطئ من يجعل هذه في موضع هذه وينشد:

إلى الله أشكو من خليل أوده ... ثلاث خصال كلها لي غائض

بالضاد "بدل غائظ ويقول: هكذا سمعته من فصحاء العرب".

ويزعم ابن جني أن ذلك ليس من باب المعاقبة، وإنما هي مادة أخرى، فيقول: "ويجوز عندي أن يكون غائض غير بدل. ولكنه من غاضه، أي نقصه، فيكون معناه: ينقصني ويتهضمني"٣.

والدليل على أن الخلط بين الضاد والظاء قديم في العربية، تلك المؤلفات الكثيرة، التي تعالج هذه المشكلة من قديم٤. ولقد كانت محاولات بعض من ألف في هذا الموضوع من اللغويين العرب، منحصرة


١ سورة فصلت ٤١/ ٥٠، ٥١ وانظر: معنى القول المأثور لغة الضاد ١١٨، ١١٩.
٢ وفيات الأعيان ٣/ ٤٣٣ وانظر كذلك: طبقات الزبيدي ٢١٥.
٣ سر صناعة الإعراب ١/ ٢٢٢.
٤ انظر الإحصاء الذي علمناه لهذه المؤلفات في مقالتنا: "مشكلة الضاد العربية وتراث الضاد والظاء" في مجلة المجمع العلمي العراقي "المجلد ٢١ سنة ١٩٧١" ومقدمة زينة الفضلاء لابن الأنباري بتحقيقنا.

<<  <   >  >>