للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مأخوذ من القرآن الكريم، وهو: "الضنين" في سورة التكوير ٨١/ ٢٤، فقد قرأها كثيرون بالظاء مكان الضاد، التي رسمت بها في كل المصاحف. وممن قرأها بالظاء: ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما قال مكي في كتاب الكشف"١.

ومما لا شك فيه، أن العرب القدامى في البيئة القرشية، كانوا يفرقون بين الضاد والظاء، بدليل أن الكتابة العربية، التي شاعت أول ما شاعت في قريش، فرقت بين الصوتين في الصورة الموضوعة لكل واحد منهما. ويقول الدكتور إبراهيم أنيس: "لا يخالجنا الآن أدنى شك في أن العرب القدماء كانوا في نطقهم يميزون هذين الصوتين، تمييزا واضحا، ولكنهم فيما يبدو، كانوا فريقين: فريق يمثل الكثرة الغالبة، وهؤلاء هم الذين كانوا ينطقون بهما ذلك النطق، الذي وصفه سيبويه. أما الفريق الآخر، فكان يخلط بين الصورتين ... وهذا الخلط الذي وقع في بعض اللهجات المغمورة، إنما كان سببه أن هذين الصوتين -على حسب وصف سيبويه لهما- يشتركان في بعض النواحي الصوتية، أو بعبارة أخرى، كان وقعهما في الآذان متشابها. ولعل مما يستأنس به لهذا التشابه بين الصوتين في النطق القديم، وقوعهما في فاصلتين متواليتين من فواصل القرآن الكريم٢، مثل ما جاء في قوله تعالى:


١ التطور النحوي ١١ وانظر الكشف لمكي ٢/ ٣٦٤ ويرى المفسرون أن المعنى مختلف على القراءتين، فهي بالضاد بمعنى: "بخيل"، وبالظاء بمعنى: "متهم". انظر الكشف في الموضع السابق، وتفسير القرطبي ١٩/ ٢٤٢ وزينة الفضلاء ٩٧.
٢ يرى الدكتور إبراهيم أنيس، أن الانسجام الموسيقي بين فواصل كثير من الآيات القرآنية، يهدينا إلى النطق الأصلي لبعض أصوات اللغة وقت نزول القرآن. انظر مقاله: "على هدي الفواصل القرآنية" في مجموعة البحوث والمحاضرات لمجمع اللغة العربية "١٩٦١/ ١٩٦٢" ص١٠٧-١١٨.

<<  <   >  >>