للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحدثنا اللغويون عما سموه "بالضاد الضعيفة"، وهو مظهر من مظاهر عدم تمكن بعض العرب القدماء، من نطق الضاد التي عرفنا وصفها من قبل، يقول ابن يعيش: "والضاد الضعيفة من لغة قوم اعتاصت عليهم، فربما أخرجوها طاء، وذلك أنهم يخرجونها من طرف اللسان وأطراف الثنايا، وربما راموا إخراجها من مخرجها، فلم يتأت لهم، فخرجت بين الضاد والظاء"١.

وقد وصلت إلينا بعض الأخبار، التي تؤكد لنا أن الناس كانوا يخلطون الضاد بالظاء في بعض الأحيان، فقد روى أبو علي القالي أن رجلا "قال لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين، أيضحى بضبي؟ قال: وما عليك لو قلت: بظبي؟! قال: إنها لغة. قال: انقطع العتاب، ولا يضحى بشيء من الوحش"٢. كم سجل الجاحظ مثل هذا الخلط بين الضاد والظاء فقال: "وزعم يزيد مولى ابن عون، قال: كان رجل بالبصرة له جارية تسمى ظمياء، فكان إذا دعاها، قال: يا ضمياء بالضاد، فقال ابن المقفع: قل: يا ظمياء! فناداها: يا ضمياء، فلما غير عليه ابن المقفع، مرتين أو ثلاثا، قال له: هي جاريتي أو جاريتك؟! "٣.

ويذهب المستشرق "برجشتراسر" إلى أن "نطق الظاء، كان قريبا من نطق الضاد، وكثيرا ما تطابقتا وتبادلتا، في تاريخ العربية. وأقدم مثال لذلك،


١ شرح المفصل ١٠/ ١٢٧ وانظر كلاما غير مفهوم عن هذه الضاد الضعيفة، في كتاب سيبويه ٢/ ٤٠٤.
٢ ذيل الأمالي والنوادر للقالي ١٤٣ وانظر الخبر برواية أخرى، في المزهر للسيوطي ١/ ٥٦٢، ٥٦٣.
٣ البيان والتبيين ٢/ ٢١١.

<<  <   >  >>