المحدثين للقول به، أنهم لاحظوا أن أصوات أي لغة من اللغات، لا حد لها في واقع الأمر، وأن ما نسميه صوتا واحدا، قد يتردد هو نفسه في كلمة من الكلمات، أكثر من مرة، ولكنه لا ينطق بنفس الصورة في كل مرة، فإننا إذا نطقنا كلمة مثل:"بَطَرَ"، فإننا نجد أن صوت الفتحة الأولى في هذه الكلمة، غير الفتحة الثانية، من الناحية الصوتية، وغير الفتحة الثالثة. ومع أن هذه الفتحات الثلاث متغايرة فيما بينها، فإن هذا التغاير لا يؤدي إلى تغير في وظيفة أي منها، فلا يكون للكلمة معنى معين إذا استخدمنا فيها فتحة من هذه الفتحات، ثم يتغير المعنى إذا غيرنا هذه الفتحة بفتحة أخرى.
والوظيفة اللغوية هي التي تجعلنا نتغاضى عن أمثال هذه التنوعات، التي يقضي بها سياق صوتي معين، فنسوي بين الفتحات الثلاث، في كلمة:"بَطَرَ" مثلا، ونرى فيها شيئا واحدا، فإن هذه الفتحات -وهي مختلفة من حيث تكوينها- متطابقة من حيث الوظيفة اللغوية، التي تؤديها، فهي تنوعات أو أفراد لنفس "الفونيم"، فإن أي واحدة منها لو وضعت مكان واحدة أخرى في أي كلمة من الكلمات العربية، لم يتغير معناها.
ويشرح الدكتور السعران هذه الفكرة بقوله:"إن النونات المختلفة صوتيا في اللغة العربية، لا تعارض أو لا تقابل بينها؛ لأننا لا نستطيع أن نغير معنى كلمة، بإحلال إحداها محل سواها، ولكن ثمة تقابل في العربية بين التاء والدال مثلا؛ لأننا نقول: "تاء" ثم نحل محل التاء دالا، ولا ندخل أي تغيير آخر على الكلمة فنقول: "داء" وهي من كلمات العربية، فالتاء فونيم والدال فونيم"١.