للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعراق، ونحن نقف عند هذا الكاتب وقفة قصيرة، لنطلع على ما كانت تخرجه مصر في عهده من نماذج الكتابة الفنية.

ابن عبد كان:

هو، أحمد بن محمد بن مودود١، وقد نال شهرة واسعة في عصره وبعد عصره، ولكن كتاب التراجم لم يهتموا به، وأغلب الظن أن ابن طولون اصطحبه معه من بغداد، فاسمه يدل على أنه فارسي، إذ الألف والنون تأتي في الفارسية القديمة للنسبة، بينما تأتي الكاف للتصغير، وإذًا فعبد كان تقابل في العربية عبيدي، وقد أحضره ابن طولون إلى مصر وبقي به حتى وفاته، ويظهر أنه توفي بعد سيده، إذ تتفق المصادر القديمة، على أن إسحاق بن نصير تولى ديوان الرسائل من بعده لخمارويه بن أحمد بن طولون٢، وعرف ابن عبد كان بجودة أدبه وفنه، قال صاحب الفهرست: "كان بليغًا مترسلًا فصيحًا، وله ديوان رسائل كبير"٣، ويقول ياقوت: "كان بليغًا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن عبد كان على المكاتبات، والرسائل منذ أيام أحمد بن طولون، ومكاتباته وأجوبته موجودة"٤، وقد أشاد به صاحب صبح الأعشى في غير موضع من كتابه، ومما قال فيه: إن أهل بغداد كانوا يحسدون أهل مصر على طبطب المحرر وابن عبد كان، ويقولون: "بمصر كاتب ومحرر ليس لأمير المؤمنين بمدينة السلام مثلهما"٥. ومر بنا في غير هذا الموضع أن الصاحب بن عباد، سأل رجلًا من أهل الشام: رسائل من تقرأ عندكم؟ فقال: رسائل ابن عبد كان، قالي: ومن؟ قال: رسائل الصابي، وفي اقتران ابن عبد كان، وهو من كتاب القرن الثالث، بالصابي، وهو من كتاب القرن الرابع قرن


١ صبح الأعشى ١/ ٩٥.
٢ صبح الأعشى ١/ ٩٥ والنجوم الزاهرة ٧/ ٣٣٦ وحسن المحاضرة للسيوطي "طبع مطبعة الموسوعات" ٢/ ١٤٦.
٣ الفهرست لابن النديم ص١٩٧.
٤ معجم الأدباء ٦/ ٨٥.
٥ صبح الأعشى ٣/ ١٧.

<<  <   >  >>