للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في العصر الفاطمي إنما عرض لرؤسائهم فقط، ومن يرجع إلى كتب التراجم ليبحث هؤلاء الرؤساء يجدها لا تهتم بهم في الغالب، وخاصة بالمتقدمين منهم، وكتب القلقشندي بتفصيل، وإسهاب عن دواوين الإنشاء في مصر، ومع ذلك لم يعرف تعريفًا واضحًا بهؤلاء الكتاب، وأيضًا فإنه لم يعن بحكاية آثارهم إذا نحن استثنينا قطعًا منثورة فيه عن ابن الصيرفي، وابن قادوس، والموفق ابن الخلال١، ومع ذلك فإن ما رواه عن هؤلاء الثلاثة، لا يفسر فنهم تفسيرًا كاملًا، وهل نستطيع أن نحكم برسائل عارضة على فن كاتب، إن لم تكن تلك الرسائل من أمهات رسائله، ويتصل بذلك أن هؤلاء الثلاثة جميعًا، إنما كانوا في أواخر العصر الفاطمي، فما شأن سابقيهم؟ وأي آثار تركوها؟ والحق أن المؤرخين خاصموا كتاب الفاطميين، ولم يصفوهم وصفًا واضحًا، بسبب ما كانت عليه دولتهم من تشيع، وكان ينبغي أن يفصل هؤلاء المؤرخون بين بغضم للفاطميين، وتشيعهم وبين تقديرهم لآثار من نشأوا في ظلال دواوينهم، وإن الإنسان ليعجب حقًا، إذ يرى نهضة الكتابة في العصر الفاطمي، لا تكاد تبين إلا من خلال السطور، ومن أجل ذلك لم يتبين مؤرخو الأدب مدى ما كان في هذا العصر من حركة أدبية مزدهرة! وإن من يقرأ في معجم الأدباء لياقوت، يجده يذكر أن ابن خيران، المتوفى عام ٤٣٢هـ، أرسل بمجموع رسائله إلى بغداد، ليعرض على الشريف المرتضى، كي يودعه في دار العلم هناك٢. ويذكر عن العميدي، الذي رأس ديوان الإنشاء بعد أن خيران أنه له كتابًا في تنقيح البلاغة يقع في عشر مجلدات، وأن له كتابًا يسمى الإرشاد إلى حل المنظوم والهداية إلى نظم المنثور، وكتابا آخر يسمى انتزاعات القرآن، وإن في هذين الكتابين، ما يدل على ميل العميد إلى نثر الشعر في رسائله، واقتباسه الكثير من القرآن الكريم، وهما صفتان استمرتا في النثر المصري من بعده، روى له ياقوت


١ انظر في رسائل ابن الصيرفي، وابن قادوس صبح الأعشى ٨/ ٣٢٤ وما بعدها، وانظر في رسائل ابن الخلال صبح الأعشى ١٠/ ٣١٠ وكذلك ١٠/ ٣١٨.
٢ معجم الأدباء ٤/ ٥.

<<  <   >  >>