للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شعرًا واضحًا فيه أثر الجناس١، ولسنا ندري هل كان يستخدمه في نثره أو لم يكن يستخدمه، لهذه السدود التي أقامها المؤرخون بينننا، وبين آثار العصر الفاطمي، وأيضًا ليس لدينا نصوص واضحة، عمن ولوا الديوان بعده في عصر المستنصر، فقد توفي العميد عام ٤٣٣هـ، وخلفه أبو الطاهر النهركي، وليس تحت أيدينا له رسائل نتعرف منها على فنه، إنما الذي تحت أيدينا حقًا هو مجموعة من رسائل كاتب آخر لعهد المستنصر، ولم يكن من رؤساء ديوان الإنشاء، ولكنه كان من كتابه الكثيرين، وهو ابن الشخباء المتوفى عام ٣٨٢ هـ، وربما كان أهم كاتب فاطمي احتفظت لنا المصادر بصورة واضحة من عمله، ونستمر بعد ابن الشخباء، فنلتقي بابن الصيرفي الذي خدم في الديوان من عام ٤٨٥هـ إلى عام ٥٣١هـ، ويقول ياقوت: إن له رسائل تزيد على أربع مجلدات، ولكن هذه المجلدات فقدت، وما بقي من نثره لا يصوره تصويرًا واضحًا، وكذلك الشأن في ابن قادوس، الذي خدم من بعده في ديوان الإنشاء على الرغم من أن القاضي الفاضل، كان يسميه صاحب البلاغتين، ولعل ما رواه صبح الأعشى عن الموفق بن الخلال، يفصح بعض الشيء عن فنه، ففي رسالة له تصنع واضح لاصطلاحات النحو، إذ يقول في بعض جوانبها٢:

"وراقب الله فيما ألقاه إليك، فقد فوض إليك مقاليد البسط والقبض، والرفع والخفض، والولاية والعزل، والقطع والوصل، والتولية والتصريف، والصرف والإمضاء والوقف، والغض والتنبيه، والإخمال والتنويه، والإعزاز والإذلال، والإساة والإجمال، والإبداء والإعادة، والنقص والزيادة، والإنعام والإرغام، وكل ما تحدثه تصاريف الأيام".

وإن مما لا شك فيه أن كتابة الرسائل بلغت في العصر الفاطمي مبلغًا عظيمًا من الرقي والاكتمال، بدت لها أوائل هذه العصر نزعة إلى السجع، فإن من يرجع إلى الكتاب، الذي كتبه المعز لأحد قواد القرامطة -وهو كتاب


١ انظر ترجمة العميدي في معجم الأدباء ١٧/ ٢١٢.
٢ صبح الأعشى ١٠/ ٣١٦.

<<  <   >  >>