للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طويل -يجد أكثره بني على السجع"١، وقد روى صاحب صبح الأعشى عن العزيز نزار كتابًا فيه سجع كثير٢، وإذا تركنا القرن الرابع إلى القرن الخامس، وجدنا صاحب النجوم الزاهرة يروي كتابًا صدر عن الخلافة الفاطمية، بني كله على السجع مع أنه طويل٣. ونستمر حتى نلتقي بابن الشخباء، ثم ابن الصيرفي، ثم ابن قادوس والموفق بن الخلال، وكل هؤلاء بنيت كتابتهم على السجع والتصنع فيه ضروبًا من التصنع، وربما كان ابن الشخباء كاتب عصر المستنصر خير من يعبر عن ازدهار النهضة الفنية للنثر الفاطمي، فقد بقيت لنا من أعماله طائفة صالحة تفسر طابع فنه، بل طابع عسره في الكتابة، ولذلك سنقف عنده وقفة قصيرة.

ابن أبي الشخباء:

هو، الحسن بن عبد الصمد بن أبي الشخباء العسقلاني "من البلغاء الأفراد، وأبهر نجوم تلك البلاد، طلوعًا من ثنايا الأدب، واجتناء لخبايا لسان العرب، فقد كاشف حقائقها، واستخرج دقائقها، وأحرز مسبوقها وسابقها، وكانت وفاته -رحمه الله- مقتولًا بخزانة البنود -وهي سجن بمصر- سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة"٤، ويقول ياقوت: كان ابن الشخباء "يلقب بالمجيد ذي الفضيلتين "الشعر والنثر"، أحد البلغاء، الفصحاء، الشعراء، له رسائل مدونة مشهورة، قيل: إن القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني منها استمد، وبه اعتد ... كتب في ديوان الرسائل للمستنصر صاحب مصر؛ لأن في رسائله جوابات إلى البساسيري إلا أن أكثر رسائله إخوانيات، وما كتبه عن نفسه إلى أصدقائه ووزراء أمراء زمانه"٥، وذكره العماد الأصبهاني في الخريدة، فقال: "المجيد كنعته قادر على ابتداع الكلام


١ الاتعاظ للمقريزي ١٣٣-١٤٣.
٢ صبح الأعشى ٦/ ٤٣٤.
٣ النجوم الزاهرة ٤/ ٢٤٩.
٤ الذخيرة: القسم الرابع من نسخة فوتوغرافية بمكتة جامعة القاهرة ورقة ١٨٣.
٥ معجم الأدباء "طبع مصر" ٩/ ١٥٢.

<<  <   >  >>