للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث النبوي:

حديث الرسول صلوات الله عليه هو الأصل الثاني للإسلام، وهو يشمل كل ما جاء عنه من قول أو فعل أو تقرير، وقد يسمى ذلك السنة. وترجع أهميته إلى أنه يتمم القرآن في بيان أحكام الشريعة الإسلامية، فالصلاة مثلا ذكرت في القرآن مجملة، فبين الحديث كيفيتها وأوقاتها، وكذلك الشأن في الزكاة فإن الحديث هو الذي بين قواعدها التي بجب اتباعها في جمعها وتوزيعها. وهناك آيات في الذكر الحكيم يحتمل وجوها مختلفة من المعاني، والحديث هو الذي يشرح المراد منها، وهذا إلى كثير من شئون الدين التي يستقل الحديث ببيانها.

ومنذ عصر الرسول يهتم المسلمون بالحديث عملا بقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ، فكانوا يأتمون به كما كانوا يأتمون بالقرآن الكريم وما شرع لهم، ويدل على ذلك أكبر الدلالة ما يروى من أن الرسول حين أرسل معاذ بن جبل إلى اليمن سأله: بم تحكم؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد، قال: بسنة رسوله١. فرواية الحديث كانت معروفة في حياة الرسول، وكانت كل قبيلة تأخذ معها معلما يعلمها القرآن والسنة النبوية. وكثيرا ما كان يعقب الرسول على أحاديثه وخطبه بقوله: "ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب"٢، ولما توفي الرسول، ودخل الموالي في الإسلام أخذوا يحاولون معرفة كل شأن من شئون الرسول، ليقتدوا به، ولم يكن العرب يقلون عنهم شغفا بتلك السيرة العاطرة.

كل ذلك دفع المسلمين إلى رواية الحديث، غير أنه لم يدون بصفة عامة إلا على رأس المائة الأولى للهجرة، أما قبل ذلك فكان هناك من يدونونه ومن لا يدونونه، وترى عن الرسول أحاديث مختلفة يدعو بعضها إلى تدوينه،


١ انظر مختلف جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر "الطبعة الأولى" ص١٢٦.
٢ راجع مثلا خطبة حجة الوداع في البيان والتبيين ٢/ ٢٣.

<<  <   >  >>