للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خير، أما بعد، أيها الناس! اسمعوا مني أبين لكم فإني لا أدري، لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا. أيها الناس! إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد".

فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى الذي ائتمنه عليها، وإن ربا الجاهلية موضوع١، وإن أول ربا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبد المطلب -وإن دماء الجاهلية موضوعة، وأول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب- وإن مآثر الجاهلية موضوعة، غير السدانة٢ والسقاية٣. والعمد قود٤، وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر، وفيه مائة بعير، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية.

أيها الناس! إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم. أيها الناس {إِنَّمَا النَّسِيءُ ٥ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ} . إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض، منها أربعة حرم: ثلاثة متواليات وواحد فرد: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب الذي بين جمادى وشعبان، ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.

أيها الناس! إن لنسائكم علكيم حقا، ولكم عليهن حق. لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم غيركم، ولا يدخلن أحدًا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم،


١ موضوع: ساقط، ومحرم.
٢ السدانة: خدمة الكعبة.
٣ السقاية: سقاية قريش للحجاج.
٤ العمد: القتل المتعمد، القود: قتل القاتل بقاتله.
٥ النسيء: شهر المحرم كانوا يحرمونه عاما، وعاما يحلونه إذا أرادوا الإغارة، فيقولون: إنه بعد صفر ويؤجلونه.

<<  <   >  >>