طرفا من خطبة وكلامه ومواعظه، وقد دفعته حروبه مع طلحة والزبير وعائشة، ثم مع معاوية إلى أن يكثر من دعوة جنوده إلى جهاد أعدائه، وتحميسهم للكفاح، والنضال في سبيل مبدئهم وفكرتهم١.
ولعل في كل ما قدمنا مايدل على نهضة الخطابة في هذا العصر الأول من عصور الإسلام، إذ أتيح لها من نبوة الرسول، ورسالته وبيانه وبلاغته ما اتخذه خلفاؤه الراشدون لهم إماما، وفرق بعيد بين خطب هذا العصر، وخطب الجاهلية، فالأخيرة جمل وصيغ لا رابط بينها تأخذ في الأكثر شكل حكم متناثرة، يسردها الخطيب سردًا، أما في هذا العصر، فقد أصبح للخطبة غاية دينية واضحة تسمو بالعربي في مراقي الفلاح الروحي، وقد تخوض في تنظيمات حربية أو اجتماعية، وكل ذلك معناه أنها أصبحت ذات موضوع تدور عليه، وأنها رقيت رقيا بعيدا.
١ انظر البيان والتبيين ٢/ ٥٣، وما بعدها، وراجع العقد الفريد ٤/ ٦٦، وما بعدها، والكامل للمبرد وعيون الأخبار والطبري في مواضع متفرقة.