للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وفيه من التناقض والأشياء الركيكة والعبارات التي من له معرفة بنفس القرشيين الصحابة، وبنفس غيرهم ممن بعدهم من المتأخرين جزم بأن الكتاب أكثره باطل"١. ويذهب النجاشي المتوفى سنة ٤٥٠ للهجرة في كتابه "الرجال" إلى أن مؤلف الكتاب هو الشريف الرضي٢، وهذا هو الصحيح بشهادة الرضي نفسه، وشهادة شراح كتابه، فقد ذكر في الجزء الخامس المطبوع من تفسيره أنه هو الذي ألفه، ووسمه باسمه نهج البلاغة٣، كما ذكر ذلك في كتابه "مجازات الآثار النبوية"٤ ونجد ابن أبي الحديد المتوفى سنة ٦٥٥ في شرحه للكتاب يعترف بأن خطبته من عمل الشريف الرضي، ويذهب ابن ميثم البحراني في شرحه عليه إلى أنه من تأليف الشريف.

وإذن فالكتاب من عمل الشريف الرضي وصنعه، ويظهر أنه لم يؤلفه جميعا، فقد أضاف قبله كثير من أرباب الهوى، وفصحاء الشيعة خطبا، وأقوالا إلى علي بن أبي طالب، يدل على ذلك ما جاء في مروج الذهب للمسعودي إذ يقول: "الذي حفظ الناس عن علي من خطبه في سائر مقاماته أربعمائة خطبة ونيف وثمانون خطبة يوردها على البديهة، تداول الناس ذلك عنه قولا وعملا"٥، وكأن الشريف الرضي وجد مادة صاغ منها كتابه، وهي مادة بنيت على السجع، وفي ذلك نفسه ما يدل على كذب نسبتها إلى علي، إذ ليس من الطبيعي أن يسجع علي في خطابته، بينما ينهى الرسول الكريم عن السجع، ويتحاماه أبو بكر وعمر وعثمان في خطابتهم.

ومعنى هذا كله أنه لا يصح الاعتماد على هذا الكتاب في تصور خطابة علي، وأنه ينبغي الرجوع إلى المصادر الأولى، مثل البيان والتبيين للجاحظ، وقد روى


١ لسان الميزان "طبعة حيدر آباد" ٤/ ٢٢٣.
٢ كتاب الرجال "طبعة بومباي" ص١٩٢، ٢٨٣.
٣ الجزء الخامس من حقائق التنزيل للشريف الرضي "طبعة النجف" ص١٦٧.
٤ مجازات الآثار النبوية "طبع بغداد" ص٢٢، ٤١.
٥ مروج الذهب "طبقة باريس" ٤/ ٤٤١.

<<  <   >  >>