للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطابة السياسية:

كان كل حزب من الأحزاب السياسية يتخذ الخطابة وسيلة إلى نقد خصومه، وبيان نظريته السياسية، واستمالة الناس إليها، وكذلك كال يصنع الثائرون على بني أمية من أمثال يزيد بن المهلب في تحريك الناس إلى الثورة عليهم، وكأنما قامت عندهم جميعا بما تقوم به الصحافة في عصرنا من الدعاية للآراء السياسية، فانبرى خطباء كل حزب يدعون إل نظرية حزبهم، وبيان أنهم على الحق وخصومهم على الباطل، فهم الجديرون بأن يعتنق الناس مبادئهم ويذودوا عنها ذيادًا.

وكان الخوارج يصفون بني أمية بجورهم في الأحكام وتعطيلهم حدود الله، ويتناولونهم بألسنة حداد، وقد يضيفون إلى ذلك مواعظ تصور عمق تدينهم، وتمسكهم بالعروة الوثقى، ومن أشهر خطبائهم قطري بن الفجاءة، وتحتفظ كتب الأدب له بموعظة رائعة١، ومن خطبائهم أبو حمزة الخارجي، وقد روى الجاحظ خطبة طويلة ألقاها في أهل مكة٢، وهو يفتتحها بالحدث عن رسول الله وهديه، واقتداء أبي بكر وعمر به، أما عثمان فعنده أنه أتى بما أحبط به الأوائل، وأما علي فلم يبلغ -في رأيه- من الحق قصدًا، ثم اقتص خلفاء بني أمية خليفة خليفة يثلبه، إلا عمر بن عبد العزيز فإنه أعرض منه، ونراه ينحى باللائمة على من يتشيعون لآل البيت، ثم يصف أصحابه، ونضالهم دون عقيدتهم وصفا رائعا، ومن خطباء الخوارج المشهورين زيد بن جندب خطيب الأزارقة٣ وابن صديقه، وكان صفريا ناسكا، وشبيل بن عزره الضبعي، وعمران بن حطان، وحبيب بن حدرة الهلالي، والمقعطل وعبيدة بن هلال اليشكري٤، ومنهم الضحاك بن قيس ونصر بن ملحان٥، وعبد الله بن يحيى طالب


١ البيان والتبيين ٢/ ١٢٦، والعقد الفريد ٤/ ١٤١، وعيون الأخبار ٢/ ٢٥٠.
٢ البيان والتبيين ٢/ ١٢٢، وانظر العقد الفريد ٤/ ١٤٤، والأغاني ٢٠/ ١٠٤.
٣ البيان والتبيين ١/ ٤٢.
٤ نفس المصدر ١/ ٣٤٣-٣٤٧.
٥ انظر في هؤلاء الخطباء نفس المصدر ٢/ ٣٦٤، وما بعدها.

<<  <   >  >>