للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لي نصف شهر حتى حدقته، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له"١. وقد حض القرآن على اتخاذ الكتابة في المعاملات، يقول جل شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} .

وكان للرسول صلى الله عليه وسلم جماعة من الكتاب تخصصوا بكتابة الوحي، وكان على رأس هذه الجماعة عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وكانا إذا غابا كتب له أبي بن كعب وزيد بن ثابت، وكان يكتب له بين يديه في حوائجه خالد بن سعيد بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، وكان المغيرة ابن شعبة والحصين بن نمير يكتبان ما بين الناس، وكان عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث، والعلاء بن عقبة الحضرمي يكتبان بين القوم في قبائلهم ومياههم، وكان حنظلة بن الربيع ابن أخي أكثم بن صيفي خليفة كل كاتب من كتاب الرسول إذا غاب عن عمله، فغلب عليه اسم الكاتب٢.

ونرى من ذلك أن الكتابة أخذت تستخدم استخداما واسعا لا في كتابة القرآن الكريم فحسب، بل في كتابة كثير من شئون المسلمين، وكان الرسول عليه السلام يكتب كثيرا من عهود الأمان ومن المعاهدات، كما كان يكاتب الأمراء، والملوك من العرب وغيرهم يدعوهم إلى الإسلام، وتزخر السيرة النبوية لابن هشام، وكتب الحديث والتاريخ بهذه الكتب، وقد جمعها محمد حميد الله الحيدر آبادي في كتابه النفيس "مجموعة الوثائق السياسية في العهد النبوي والخلافة الراشدة"، وقدم لها بدراسة وقف فيها عند معيار الوضع والصحة، وما دخلها من الانتحال، وقد يكون من صحيحها الذي سلم على الزمن كتابه٣ صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين، والأنصار واليهود ممن كانوا بالمدينة حين نزوله


١ فجر الإسلام ص١٧١.
٢ انظر في ذلك الوزراء، والكتاب للجهشياري "طبعة الحلبي" ص ١٢.
٣ انظر مجموعة الوثائق السياسية في العهد النبوي، والخلافة الراشدة "طبع لجنة التأليف، والترجمة والنشر" ص١.

<<  <   >  >>