كتب كثيرة يقال: إنها بلغت اثنين وثلاثين كتابا، وأكثرهم يتحدث فيه عن أحداث القرن الأول للهجرة، واحتفظ الطبري بكثير مما كتبه في تلك الأحداث.
ولعل من الطريف أن نلاحظ أن هذه النزعة لكتابه التاريخ عند العرب ظهرت في ظروف مشبهة لظهورها عند اليونان، فإن من المعروف أن اليونان لم يعنوا بكتابة تاريخهم إلا بعد حروبهم مع الأمم الأجنبية وفتوحهم، وينبغي أن نعرف أن هذا النثر التاريخي عند العرب نثر عربي خالص، فهم لم يستعيروه من الأجانب، بل مثلهم فيه مثل اليونان الأقدمين في نثرهم، ونشأته في حجورهم.
وليس معنى ذلك أن الكتابة التاريخية عند العرب لم تتأثر بعناصر أجنبية في هذا العصر المبكر، بل لقد أخذت تتأثر بهذه العناصر، كما مر بنا عند وهب بن منبه وأضرابه ممن كانوا يتحدثون عن الملوك الأوائل، وعن قصص الأنبياء وأخبار شعوبهم، غير أن هذه العناصر لم توجد هذه الكتابة من عدم، بل لقد وقف تأثيرها عند تنميتها، والتطور بها مع الزمن، كان موضوعها في كثير من جوانبها عربيا خالصا يتصل بسيرة الرسول، وأحداث الإسلام أو يتصل بأيام العرب في الجاهلية وأخبار قبائلهم وملوكهم، وكلما تقدمنا في الزمن اتسعت هذه العناصر الأجنبية، فشملت تاريخ الفرس، وتاريخ الأمم المفتوحة.
وإذا تركنا الكتابة التاريخية إلى الرسائل، وجدناها مثل الخطابة التي عاصرتها، فقد كانت هناك رسائل سياسية تصدر عن دواوين الخلفاء والولاة، أو عن خصومهم، ورسائل اجتماعية يتبادلها الناس في أمور حياتهم الشخصية، ورسائل دينية، منها ما يأخذ شكل الموعظة، ومنها ما يأخذ شكل الحوار والجدل، حين يتعرض شخص للرد على صاحب نحلة من النحل.
وقد نهضت الرسائل السياسية في هذا العصر نهضة واسعة، وهي نهضة ترد إلى سببين: أما السبب الأول فهو كثيرا ممن كانوا يكتبونها يعدون في الذروة من الفصاحة، والبيان لهذا العصر أمثال زياد والحجاج، وقطري بن