فلما تولى الخلافة المسترشد بالله (٥١٢ هـ.) نشب خلاف وشقاق بين أتابكة السلاجقة فأراد الخليفة أن يتعجل الحوادث ويتخلص من نفوذهم، ويعيد السلطة الدنيوية للخلافة إلى جانب سلطانها الروحي.
لكن مركز السلطان مسعود السلجوقي كان أقوى مما كان يظنه الخليفة المسترشد، فانتهت محاولته بفاجعة أليمة كلفته حياته وهو في أسر السلطان (٥٢٩ هـ) واستمر توتر العلاقات بين السلطان مسعود والخلافة العباسية في أيام الراشد بالله أيضا. (٥٢٩- ٥٣٠ هـ.) لكن الخليفة محمدا المقتفي لأمر الله كان أسعد حظا وأكثر توفيقا في تحقيق هدفه. إذ توفي السلطان مسعود سنة ٥٤٧ هـ. فانتهز المقتفي هذه الفرصة الملائمة وطرد أمراء السلاجقة من بغداد، فصار الحكم للخليفة لا يشاركه فيه أحد. وهكذا استعادت خلافة بني العباس مكانتها واسترجعت سلطتها الدنيوية بعد حقبة طويلة من السنين تغلّب فيها الأمراء والسلاطين وتحكموا بالخلافة*.
واستتبّ الأمر بعد المقتفي لولده أبي المظفر المستنجد بالله يوسف سنة ٥٥٥ هـ. (١١٦٠ م.) فكان عهده كله خيرا وبركة واستعادت الخلافة العباسية رونقها ومجدها نوعا، فازدادت ثروة البلاد وامتلأت خزائنها بالأموال وازدهرت تجارة بغداد وعاد إليها عمرانها، وشمل عدل الخليفة وحلمه جميع رعاياه. فكان دخول الرّحالة بنيامين مدينة بغداد في هذا العهد قرابة سنة ٥٦٤ هـ. (١١٦٨ م) . فوجدها على