وبطبيعة الحال فهذه الأرقام لا تمثل كل اليهود في الدولة البيزنطية وإنما في المدن التي زارها بنيامين فقط، ومع هذا فإنها لا تخلو من مؤشّرات نحاول استخلاصها فيما يلي:
- في ٣١ مدينة وقرية بيزنطية وجد ٧٨٥٠ بينما وجدنا أن في ١٨ قرية ومدينة رومانية (في الإمبراطورية الرومانية المقدسة- إيطاليا بالتحديد) ٣٢٠٠ يهودي، ومعنى هذا أننا يمكن أن نستنتج مطمئنين أنّ يهود الدولة البيزنطية أكثر عددا من يهود الدولة الرومانية المقدّسة، فلو كانت النسبة واحدة لكان ينبغي أن يكون عدد يهود المدن البيزنطية ٥٥١١ أو أن يكون عدد يهود المدن الايطالية (التي زارها بنيامين) : ٤٥٥٨ فهل زيادة عدد اليهود في الدولة البيزنطية متمشية تمشيا طبيعيا مع زيادة عدد السكان فيها بشكل عام (فالدولة البيزنطية بشكل عام كانت أكثر سكانا من الممالك الإيطالية أو الجزء الجنوبي من الإمبراطورية الرومانية المقدسة) أم أن وراء هذه الزيادة أسبابا عقائدية كأن يكون اليهود أقل تعرضا للإهانة في رحاب الدولة البيزنطية؟ وإن كان الأمر كذلك، فهل هناك أسباب عقائدية تكمن خلف ذلك؟
ولا يمكن بطبيعة الحال اعتبار المدن والقرى التي أوردها بنيامين سواء في شبه الجزيرة الإيطالية أم في الدولة البيزنطية عينة عشوائية، تتيح لنا رقما دقيقا أو قريبا من الدقة عن العدد الفعلي لليهود، ذلك أنه من الواضح أنّ بنيامين كان يتحرّى المناطق التى بها تجمعات يهودية، ولم يكن طريقة في رحلته هذه للعلم خالصا أو للسياحة خالصة.. فقد كان الرجل يتشمّم رائحة اليهود، وأينما اشتم ريحهم توجّه.