رحلة بنيامين التطيلى دراسة وتعليقات د. عبد الرحمن الشيخ بدأ بنيامين التطيلى رحلته التي نحن بصددها في حدود سنة ١١٦٥ م الموافقة لسنة ٥٦١ هـ أو قرابة سنة ٤٩٢٦ من بدء الخليقة حسب التقويم العبري. وهذا يعني أنه حين بدأ رحلته خارجا من سرقسطه (سراكوزه) لم تكن سرقسطه تحت الحكم الإسلامي، فقد كان قد مضى- وقت خروجه منها- خمسون عاما على سقوطها في أيدي القوى المسيحية. وإذا كان بنيامين يهدف في الأساس إلى زيارة العالم الإسلامي زيارة تعرّف ومعرفة- كما ذكر المترجم الأستاذ عزرا حدّاد في مقدمته- باعتبار العالم الإسلامي- وهذا صحيح- كان هو الملجأ والملاذ ليهود شبه جزيرة أيبيريا* الذين كانوا يشهدون أيّاما سودا في كل منطقة ينتهي فيها الحكم الإسلامي، وباعتبار العالم الإسلامي هو الملجأ والملاذ ليهود سائر أوربا في العصور الوسطى الذين كان الأوربيون يعاملونهم معاملة دونها بكثير معاملة الأنعام، وينظرون إليهم نظرة ملؤها الكراهية والاحتقار. لكن إذا كان التعرّف على العالم الإسلامي هو هدفه، فلماذا لم يتجه جنوبا ليجول في شبه الجزيرة الأيبيرية؟ ولماذا لم يعبر بحر الزقاق (مضيق جبل طارق) ليصل إلى طنجة أو سبتة ثم يتخذ طريقه عبر المغرب العربي إلى مصر فسائر أنحاء العالم الإسلامي؟ ألم يكن هذا الطريق يبدو منطقيا أكثر من اتجاهه