شمالا فشمالا بشرق ثم اتجاهه إلى إيطاليا فالدولة البيزنطية، ليهبط بعد ذلك جنوبا إلى سائر بلاد العالم الإسلامي التي زارها أو قال إنه زارها، ثم يتجه إلى الصين ليعود إلى شواطئ الهند فسواحل شبه الجزيرة العربية ثم يعبر البحر الأحمر ليصل إلى أسوان ويستمر هابطا مع نهر النيل ليصل إلى القاهرة والفسطاط ويزور صحراء شبه جزيرة سيناء ثم يعود إلى قوص في صعيد مصر ثم يرجع الفسطاط ثم يصل بطريق ما إلى الإسكندرية ومنها إلى صقلية. لماذا هذا الطريق الذي لا يبدو أنه الأسهل؟ ثم لماذا تردده أكثر من مرة على مواضع بعينها في مصر التي قطعها من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال أكثر من مرّة؟
إن لدينا إجابة واضحة لتخلّى بنيامين عن الاتجاه جنوبا داخل شبه جزيرة أيبيريا. فقد أجمع كلّ المؤرخين الأوربيين واليهود أنّ حضن الحكومات الإسلامية كان هو الحضن الوحيد الذي لا يأمن اليهود لحضن سواه طوال العصور الوسطى، وطوال قرنين في التاريخ الحديث (بعد سقوط غرناطة) ، وكان الحكم الإسلامي يتراجع في شبه الجزيرة الأيبيرية تراجعا واضحا منذ القرن الحادى عشر للميلاد، وحتى لا تطول هذه الدراسة أكثز مما هو مقدّر لها نكتفي بتتبع الحال في الأندلس منذ قيام دولة الموحدين إلى قيام مملكة غرناطة (٥٥٢- ٦٣٠ هـ/ ١١٥٧- ١٢٣٢ م) لأنّ بدايات هذه الفترة تسبق بقليل رحلة بنيامين كما أن نهايتها تتأخر بقليل بعد نهاية رحلته. وقد اعتمدنا في كثير مما نقدمه بهذا الصدد على أطلس تاريخ الإسلام لحسين مؤنس وإن