بعد وفاة خليفة الموحدين الرابع محمد الناصر تصدّعت قوى الدولة الموحّديّة أو دولة الموحّدين- وهى الدولة التى خلفت دولة المرابطين في حكم المغرب والأندلس- وكان سبب هذا التصدّع هو الصّراع الذي نشب حول الخلافة، وذلك لأن الخليفة الموحّدي الخامس وهو المستنصر عيّن أخاه أبا العلا إدريس المأمون على الأندلس، وكان أبو العلا المأمون قصير النظر إذ إنّه عندما وجد أخاه أبا عبد الله محمد والي مرسّيّه يعبر إلى المغرب ويطالب بالخلافة ويتلقّب بالعادل، سارع هو بدوره وجمع قواته وأعلن نفسه خليفة وتلقّب بالمأمون قرابة سنة ٦٣٣ هـ/ ١٢٣٦ م وعبر إلى المغرب تاركا الأندلس دون غطاء عسكري مما فتح الباب واسعا أمام تقدّم ممالك أسبانيا النصرانية.
والواقع أنّ اهتزاز الحكم الإسلامي وبداية انحساره في الأندلس كان قد بدأ حتى منذ أيام المرابطين أو قبل ذلك، فقد كانت مملكة قشتالة وليون النصرانية قد تطوّرت من مجرّد وحدة سياسية متنافسة مع غيرها من الوحدات إلى أكبر دولة في شبه جزيرة أيبيريا، نتيجة استيلائها على إمارة طليطلة، فتضاعف ثراؤها وقوتها، وكذلك كان الأمر بالنسبة إلى أرجون التي لم تكن في بدايتها سوى دويلة صغيرة من الدويلات المسيحية في الركن الشمالي الغربي من شبه الجزيرة، فأصبحت مملكة كبيرة غنية بعد استيلائها على سرقسطة وضمّها بلاد الثغر الأعلى الأندلسي إلى أراضيها، وتم ذلك في سنة ٥١٢ هـ/ ١١١٨ م أى أيام المرابطين، وكان القائم بهذا الجهد العسكري الكبير هو