أما داود فإنه تمتم ببعض التعاويذ ونطق باسم الله الخفي «١» ، فقطع بيوم واحد ما مسيرته عشرة أيام. فبلغ العمادية وقص على أتباعه ما حدث له، فأخذتهم الرهبة والدهشة من أمره. وبعد ذلك كتب سلطان العجم إلى أمير المؤمنين خليفة بغداد، يعلمه بما كان من أمر داود، ويسأله أن يوسط رأس الجالوت ورؤساء المثيبة ببغداد، لكي يؤثروا بنفوذهم على داود بن الروحي، فيكف عن أعماله وتمرده، وإلا فإنه سيأمر بالانتقام من جميع اليهود الموجودين في مملكته، ويفنيهم عن آخرهم.
وقد أصاب اليهود في بلاد العجم من جراء ذلك عسر شديد، فكتبوا من جانبهم إلى رأس الجالوت ورؤساء المثيبة ببغداد يستحثونهم لإنقاذهم من الهلاك المحقق، بأن يرشدوا داود إلى طريق الصواب، فيحقنوا الدماء البريئة.
وللحال حرر رأس الجالوت ورؤساء المثيبة كتابا إلى داود، بينوا فيه خطله وأظهروا بهتانه. وختموا كتابهم بالعبارات التالية:
«ليكن معلوما لديك أن موعد ظهور المسيح لم يحن بعد، وليس لدينا البراهين عن قرب ظهوره. وهذا أمر لا يأتي بالعنف ولا يتم بشق عصا الطاعة. وإنا لمطالبوك بالكف عما أنت فيه، وإلا حرمناك من جماعة بني إسرائيل» .