فأمر السلطان في الحال بالقبض على داود وزجه في السجن الكبير في طبرستان، المدينة الواقعة على شاطئ نهر قيزيل أوزون، ليرسف في أعماقه مدى الحياة. وبعد ثلاثة أيام كان السلطان يعقد مجلسا مع خواصه للنظر في قضية اليهود من أتباع داود، الذين شقوا عليه عصا الطاعة. فإذا داود يظهر فجأة في بلاط السلطان، وهو طليق من الأغلال والقيود. فكانت دهشة الجميع عظيمة. فسأله السلطان:
- كيف شخصت إلى هنا، ومن هو الذي أطلق سراحك؟
فأجابه داود:
- حكمتي ودهائي وحدهما. وأنا في الحقيقة لست أخافك، ولا أخشى وزراءك. فأمر السلطان حراسه بأن يقبضوا على داود. لكن هؤلاء كانوا يسمعون صوته ولا يرون شخصه. فهال السلطان هذا الأمر. وسمع صوت داود يقول:
- إنني الآن ذاهب في طريقي.
فشاهده الجميع وهو يبارح المكان. وتبعه السلطان وجنده ووزراؤه، حتى أشرفوا على شاطئ النهر. فرأوا داود ينشر طيلسانه فوق الماء ويعبر عليه إلى الجانب الآخر. فأمر السلطان جنده بأن يلحقوا به، وركبوا الزوارق وعبروا إلى الشاطئ الثاني. وشرعوا يبحثون عن داود دون جدوى. فعلموا أن الرجل ساحر يندر نظيره.